تاريخ التسجيل : 31/12/1969
| موضوع: أحوال القلوب و أقسامها الأحد 27 مايو - 20:16 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الصلاة و السلام على اشرف المرسلين سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
القلوب واقسامها
لم كان القلب للاعضاء كالملك المتصرف في الجنود التي تصدر كلها عن أمره ويستعملها في ما يحب فكلها تحت عبوديته وقهره وتكتسب منه الاستقامه والزيغ . قال النبي صلي الله عليه وسلم " ألا وان في الجسد مضغه اذا صلحت صلح الجسد كله , واذا فسدت فسد الجسد كله " جزء من حديث رواه البخاري 1/126
فالقلب هو المسؤل عن باقي الاعضاء فكل راع مسئول عن رعيته . لذا كان الاهتام بتصحيح القلب وتسديده أول ما اعتمد عليه السالكون والنظر في امراضه وعلاجها اهم ما تناسك به الناسكون .
ولما علم عدو الله ابليس ان المدار علي القلب والاعتماد عليه أجلب عليه بالوساوس وزين له من الاحوال والاعمال التي تصده عن طريقه ونصب له المصايد والمكائد فلا نجاه من هذه المصايد الا بدوام الاستعانه بالله تعالي حتي يتستطيع الفرد الدخول في قوله تعالي " ان عبادي ليس لك عليهم سلطان " الحجر الايه 42
أقســــــــــــــام القلـــــــــــوب :
لما كان القلب يوصف بالحياه وضدها انقسم بحسب ذلك الي اقسام ثلاثه : قلب سليم وقلب ميت وقلب مريض.
القلب الــــسلـــــــيم :
هو القلب الذي لا ينجو يوم القيامه الا من اتي الله به كما قال تعالي " يوم لا ينفع مال ولا بنون * الا من اتي الله بقلب سليم " الشعراء 88,89 هو القلب الذي صارت السلامه صفه ثابته له كالعليم والقدير فانه ضد القلب السقيم والعليل . هو القلب الذي سلم من كل شهوه تخالف امر الله ونهيه , فسلم من عبوديه ما سواه وسلم من تحكيم غير رسوله . فخلصت عبوديته لله تعالي اراده ومحبه وتوكلا وانابا وخشيه ورجاء فان احب احب لله وان ابغض ابغض لله وان عطي عطي لله وان منع منع لله . هو القلب الذي يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسوله عليه افضل الصلاه والسلام .فيعقد قلبه معه عقدا محكما علي الائتمام والاقتداء به وحده في كل الافعال والاقوال .
القلب المـــيـــت :
هو القلب الذي لا حياه فيه , فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بامره وما يحبه ويرضاه, بل هو واقف مع شهواته ولذاته ولو كان فيها سخط الله وغضبه فهو لا يبالي اذا فاز بشهوته رضي الله ام سخطه . هو القلب المتعبد لغير الله حبا وخوفا ورجاء ورضا وسخطا وتعظيما وذلا ان احب احب لهواه وان ابغض ابغض لهواه وان اعطي اعطي لهواه وان منع منع لهواه فالهوي امامه والشهوه قائده والجهل سائقه والغفله مركبه فهو بالفكر في تحصي اموره الدنيويه مغمور وبسكره الهوي وحب العاجله مخمور ينادي الي الله والدار الاخره من مكان بعيد فلا يستجيب بل يستجيب للشيطان مخالطه صاحب هذا القلب سقم ومعاشرته سم ومجالسته هلاك.
القلب المـــــريــــــض :
قلب له حياه وبه عله , فله مادتان تمده هذه مره وهذه مره وهو لما غلب عليه منهما ففيه محبه الله والايمان به والاخلاص له والتوكل عليه ما هو ماده حياته وفيه من محبه الشهوات والحرص علي تحصيلها والحسد والكبر وحب العلو والرياسه والفساد في الارض وهو ماده هلاكه. قلب ممتحن بين داعيين : داع يدعو الي الله ورسوله والدار الاخره وداع يدعو الي العاجله وهو انما يجيب اقربهما منه بابا وادناهما اليه جوارا.
فالقلب الاول حي مخبت والثاني يابس ميت والثالث مريض فاما الي السلامه واما الي العطب.
تقسيم اخر للقلوب : قسم الصحابه رضي الله عنهم القلوب الي اربعه اقسام
فعن حذيفه بن اليمان رضي الله عنه قال : القلوب اربعه : قلب اجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن, وقلب اغلف فذلك قلب الكافر , وقلب منكوس فذلك قلب المنافق عرف ثم نكر وابصر ثم عمي , وقلب تمده مادتان مده ايمان ومده نفاق وهو للغالب عليه منهما "
قوله ( قلب اجرد) اي متجرد مما سوي الله عز وجل , قوله ( فيه سراج يزهر ) وهو مصباح الايمان فاشار بتجرده الي سلامته من شبهات الباطل وبحصول السراج اشراقه واستنارته بنور العم والايمان وقوله ( اغلف ) اي داخل في غلافه وغشائه فلا يصل اليه نور العلم والايمان كما قال الله تعالي حاكيا عن اليهود " وقالوا قلوبنا غلف " البقره 88 وقوله ( قلب منكوس ) اي منكوس مركوس كما قال تعالي " فما لكم في المنافقين فئتين والله اركسهم بما كسبوا " النساء 88 اي انكسهم وردهم في الباطل الذي كانوا فيه بسبب كسبهم واعمالهم الباطله وهذا اشر القلوب واخبثها . وقوله ( وقلب تمده مادتان ) وهو القلب المريض الذي لم يتمكن فيه الايمان ولم يزهر فيه سراجه حيث لم يتجرد للحق الذي بعث الله به رسوله بل فيه ماده منه وماده من خلافه فتاره يكون للكفر اقرب منه للايمان وتاره يكون للايمان اقرب منه للكفر فالحكم للغالب فيهما .
أشهد الله اني احبكم في الله
من كتاب البحر الرائق في الزهد والرقائق | |
|